وقتما كنت في المرحلة الثانوية كانت بداية ظهور مصطلح
"صاحبي/ صاحبتي" أو "Boy friend / Girl friend " بين الطلبة والطالبات الذين
تجمعهم علاقة عاطفية -أو الذين يعتقدوا ذلك- وكانت وقتها تُقال الكلمة بدرجة من
الخجل على اعتبار أنها بدعة مستحدثة وعلى اعتبار إن البنت اللي
"بتتصاحب" هي فتاة غير مهذبة تفعل شيئاً مشيناً من دون علم أهلها.
لا أعلم كم غِبت عن عالم المراهقين في مصر ولكن يبدو أن الأمر استشرى وأصبح متعارفاً عليه بدرجة لا تدعو للخجل لا بين الأصدقاء ولا حتى أمام الأهالي، ولكنّي لن أعيد الكلام الذي قيل كثيرا عن الهجمة الغربية التي أطاحت بالقيم والأخلاق، لأن في الحقيقة نحن من سحلنا الأخلاق منذ زمن في أمور أكثر أهمية وحساسية من صداقات الفتية والفتيات، ولكن سأتحدث فقط عن امتهان الكرامة.
كنت في رحلة عودتي اليومية من العمل وسمعت حديث (عيلين من ثانوي) يجلسان خلفي حول رغبة أحدهما في العودة لـ "صاحبته القديمة" لأنه ملَّ "صاحبته الجديدة" ويشعر بحالة فراغ منذ فترة دفعته لإعادة التفكير في معاودة الاتصال بصديقته القديمة والتفكير في مصالحتها رغم أنه هو من كان قد اتخذ قراراً بتركها منذ عدة أشهر –بحسب كلامه- لصديقه الذي نصحه بألا يفل ذلك لأن صديقته الجديدة تعتبر "فورتيكة" أكثر من صديقته القديمة والتي اتضح أن لها اسم شهرة وهو "منة منـَّص"!
لا أعلم إن كانت "منة منص" تعلم أن الكلام الجميل الذي تسمعه أو الذي تقوله مجرد فقرة تسالي في حياة شباب المراهقين أم لا، بينما الأكيد أنها لا تعلم نص ما يُقال عنها في الحكاوي بينهم، فمؤكد منة لا تعلم أن الشاب الذي قالت له في يوم أنها تحبه وأنها تكون سعيدة جداً في اليوم الذي يلتقيا فيه، يقول عنها الآن لصديقه أنها "مش حلوة أصلا بس دمها خفيف عشان كدة فكر يصاحبها"، وربما لا تتخيل أنه يضيف حكايات لا أصل لها يبرر بها كيف اتخذ هو قرار تركها فيما مضى مع بعض التحابيش التي تؤكد أنها بكت أسبوعين على فراقه وأضربت عن الطعام وعن حضور الدروس ورفضت "أن تصاحب بعده" ولذا فهو يتوقع أن توافق على العودة له بمجرد مفاتحتها في الأمر، وأنا عن نفسي لا أعلم ما السبب، هل لأنه "واد ماحصلش" أم لأنها "بت رمية؟!".
ولكن حتى إن كانت "منة منص" تعلم ما يقوله صاحبها القديم عنها وعن كيفية انفصالهما عن بعض، هل ستكون متوقعة ما يقوله عن أمها؟ تلك السيدة التي يقول عنها أنها كانت كلما رأته يوم الدرس الخصوصي تسلم عليه بحرارة وتطلب منه أن يتنظر بعد الدرس كي يتناول العشاء معهما، تلك الدعوة التي تراها الأم أنها كرم وطيبة يصفها المراهق لصديقه الآن بأنها "حركات مفقوسة من ست عرة مصاحبة كل صحاب بنتها وماحتصدق وتلزقها لأي واحد فيهم"!
ربما يا منة لو كنتي علمتي أو لو علمت والدتك نفسها أن هناك تافهين في مكان ما يصفانها الآن بأنها "عرة"، لَمَا استقبلته في منزلها ولا عرضت عليه تناول الطعام، ربما تعمدت ألا تستقبل طلبة الدرس لديها من الأساس، أو ربما حرمتك من التعليم في مدرسة خاصة تنتشر فيها ثقافة "الصحوبية والفركشة" وحافظت على كرامتها وكرامتك من الشيء الذي ترينه أنتِ وجميع الفتيات "حب طاهر ومشاعر مشروعة" بينما لايزال أغلب الشباب والمراهقين يرونه "رخص ورمي جتت" ويكتفون بالتظاهر أمامكن فقط بأنهم "Free" ومن الممكن أن يكملوا علاقاتهم بكن بشكل جادي فعلاً.
رسالتي الأخيرة إلى "منة": لا توافقي على العودة مرة أخرى لصديقك القديم، ولا تحاولي أن تنسيه بصديق جديد، ما تعتبريه أنتِ محاولة صادقة للحب يراه الشباب وقت لطيف للتسالي بعيداً عن الدروس مثله مثل "البلاي ستيشن"، ورسائل الحب التي تحتفظي بها من باب الذكريات الجميلة، يحتفظ هو بـ"سكرين شوت" منها؛ ليريها لأصدقائه على القهوة، والعلاقة التي تعتقدي أنها تزيد من خبراتك في الحياة وتعلمك كيف تعرفي معنى الحب الحقيقي من المزيف، عليكِ بتأجيلها قليلاً لحين أن تتأكدي من رجاحة عقلك في تقييم الآخرين ولحين تكتسبي ثقة كافية في من أمامك، لأن للأسف الكثير من المراهقات لا تعلمن أن كل علاقة عاطفية فاشلة تأخذ من روحها ومن طاقتها قدر لا تعرف قيمته إلا في وقت متأخر.
أما يا "منّص" إن كنتي تتعمدي الدخول في علاقات عابرة تعلمي من البداية أنها لن تكتمل فقط من أجل أن تكوني مثل صديقاتك وتتباهي أمامهم أنك "in relation ship" وبتجيليك هدايا في "الفلانتيان" فأعتذر عن كل ما قلته لكِ وعن محاولتي لتحذيرك أو لوم صديقك على ما قاله، فما قيل عنكِ تستحقيه.
بقلم : مى الفحام