مصطفى الشيمى يواصل طريقه مع الكتابة المميزة برواية
سورة الأفعى، لم يخرج عن الخط الغالب فى كتاباته السابقة والظاهر
![]() |
إضافة تسمية توضيحية |
فالرواية لا تعتمد على الحدث أكثر من اعتمادها على فلسفة
الفكرة والخوض فى الأعماق البشرية، فى كتابة تحمل من الخيال بقدر ما تحمل من
الواقعية، فيما يذكرنى بالواقعية السحربة لماركيز..
الرواية فلسفية يظهر فيها الجانب الصوفى، فى صراع
الانسان مع نفسه أولاَ والكون ثانيًا، مارًا فى ذكاء الذى يمر دون أن يخوض، بأحداث
ثورة الشباب المصري 2011.
كل هذا جاء مغلفًا بلغة قوية فصيحة، وتعبيرات جميلة قوية
تتناسب وتختلف باختلاف الشخصيات..
الرواية حملت من الأبطال فقط المهزومين والعاهرات
والواقعين فى فخ الخطيئة المغلفة بالحب أحيانًا، وبالضعف البشري والوجع، ولربما
كانت البداية ظاهرة من العنوان، فسورة الأفعى جعلتنى أفكر فى فكرة موروثة بأن
الأفعى هى المرأة أو هى الكائن الضعيف الذى تسلل الشيطان عن طريقه إلى الجنة ليغوى
آدم، ليظل مرتبطًا فى الموروث الشعبى، بالغدر والشر.
الأسئلة كثيرة
تطرحها الرواية عن العلاقات الإنسانية، والعلاقة الغامضة مع الله، حيث السؤال
المتكرر، إن الله هنا فلماذا يتركنا فى هذا العذاب، إنها الحيرة والكلمات التى
تعذب من يملك القلم، الذى يلقى علينا الأسئلة من خلال أحداث قصته، لتشغل عقل
القارئ وتفتح ذهنه ليبحث عن إجابات شتى..
وجدتنى بعد قراءة الرواية أقف مع شخصية الغريب التائه من
بداية الكتاب حتى نهايته، هذا الغريب التائه بين الحياة والموت، الذى ينتظر تحقق
رؤياه بخلع ضرسه، والموت، حيث الخلاص من دنيا هو عالق فيها تمامًا، ككثير من
البشر.
قال تعالى: "وما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا
يعلمون"
وجدتنى أردد الآية، وأعيش فى حيرة الكاتب والغريب وحيرة
البشر على الأرض، لاستحضر رحلتى الأخيرة لسانت كاترين فى بداية هذا العام، الرحلة
الغامضة التى يشوبها القلق والترقب، حيث الجميع يحمل هزيمته وخوفه ويذهب ليتخلص من
تربص الحياة به، متربصًا هو بالموت، عله يكون النهاية التى يقدم إليها، فتخلصه من
وجع الحياة..
لم يكن هذا حال الجميع بالطبع، ولكنها السمة الغالبة على
أصدقاء الرحلة، وكذلك هى السمة الغالبة فى رواية مصطفى الشيمى الفلسفية، التى لم
تجب على أسئلة أبطاله الحائرة ولا أسئلتى كقارئة لعمل جيد وممتع، واخيرًا بعد هذه
الإطلالة القصيرة التى لا تقف على جوانب العمل الأدبى المتعددة والتى تستحق المزيد
والمزيد من المنافشات، أقول لمصطفى الشيمى الكاتب الشاب الصديق، اكتب كثيرًا لأن
كلماتك تحمل الكثير الذى يستحق أن يقرأ.